الكوريون ينافسون العرب على «لغة الضاد»

محمد العايض

حصص مكثفة وغنية في الثقافة والأدب والفن يقدمها اليوم الخامس من «سوق عكاظ» في دورته الثانية عشرة التي انطلقت الأربعاء الماضي.

ومن يزور السوق لن يخرج أبداً خالي الوفاض، للتنوع الكبير من الفاعليات التي تُقدَّم في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والفنية والأدبية، بل إن تجمعات الزوار واللقاءات التلقائية التي تجمعهم هي في حد ذاتها منطلق لندوات ثقافية مصغرة من خلال الأحاديث التي يتبادلها الزوار عن ذكرياتهم وخبراتهم العلمية المتنوعة عن التاريخ العربي العريق وربطه بالحاضر، والتي تعيد ما كان يفعله أسلافهم في هذه السوق التاريخية.

وأول من أمس، نجحت جامعة الطائف بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة في إبهار الحضور بمعلومات ثرية ومفاجئة للكثير من الزائرين تتحدث عن اهتمام الكوريين باللغة العربية. وفاجأ عدد من الأكاديميين من كوريا الجنوبية، الحضور بثقافتهم المميزة في اللغة العربية إضافة إلى المعلومات التي أدلوا بها حول الاهتمام اللافت التي تحظى به اللغة العربية في بلادهم. جاء ذلك في ندوة بعنوان «اللغة العربية في كوريا» استضافتها الخيمة الثقافية بالسوق وأدارها الدكتور عبد الله الوشمي، إذ تطرق الدكتور كيم دونغ هوان وهو أستاذ قسم اللغة العربية بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، إلى اللغة العربية في المعاهد والجمعية العلمية في كوريا الجنوبية، ودبلوماسية بلاده في الشرق الأوسط بصورة عامة والعالم العربي بصورة خاصة.

وبيّنت الدكتورة يون أون كيونغ أستاذة ورئيسة قسم اللغة العربية بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، أن مكانة اللغة العربية في كوريا وفي العالم قد ارتقت بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة، موضحةً أن بلادها توجد بها 6 أقسام متخصصة لتعليم اللغة العربية ودراسات الشرق الأوسط في 5 جامعات تأتى على رأسها جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية والتي افتتحت أول قسم متخصص لتعليم اللغة العربية في حرم سيول عام 1965.

من جهته أشار الدكتور أو ميونغ كون من جامعة هانكوك، إلى أنه تماشياً مع زيادة حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين كوريا والعالم العربي قررت وزارة التربية والتعليم الكورية اختيار اللغة العربية لتكون من مواد اللغات الأجنبية الثانية رسمياً ضمن مناهج تعليم المدارس الثانوية اعتباراً من عام 2002، وسرعان ما تدفق كثير من الطلاب على اختيار اللغة العربية من ضمن اختبارات اللغات الأجنبية الثانية في امتحان القبول بالجامعات لتصل نسبتهم إلى 30% من إجمالي عدد المتقدمين للامتحان عام 2012.

وفي جهة أخرى من إحدى زوايا «سوق عكاظ» كان لمحبي الحرف والصناعات اليدوية نصيب من الاحتفاء، إذ فُتح المجال للمسابقة بين 19 حرفي منهم 15 من الإمارات، ومصر، وعمان، لنيل جائزة الإبداع والابتكار الحرفي التي قُدِّرت بربع مليون ريال سعودي. وسيرى مرتادو السوق المواهب العربية من الفتيان والفتيات في فنون صناعة المنتجات من النخيل والسدو والسجاد اليدوي وأعمال الكروشيه والتطريز وصناعة ونحت ونجارة المنتجات الخشبية والرسم أو النحت أو الزخرفة اليدوية على أي مادة طبيعية والمنتجات الأخرى ذات الطابع الابتكاري والأعمال التقليدية التراثية. بالإضافة إلى (الجبسيات، ومنتجات النخيل، والإكسسوارات، والرسم والنقش)، وستتاح فرصة لا تتكرر كثيراً للزوار لتعلم بعض الحرف مثل «الفخار، والسبح والإكسسوارات، والرسم، والخوص، والخزف، والخشبيات».

أما الموقع الذي يحتضن «سوق عكاظ»، ونقصد مدينة الطائف ذات التاريخ العريق الذي يرجع إلى قرون ماضية والذي أخرج شخصيات لا تُنسى على مدار التاريخ أحدهم الحجاج بن يوسف الثقفي أشهر قادة الدولة الأموية، فقد أبى أهلها إلا أن تكون لهم وقفة وفاء مع سوقهم التاريخية، إذ نظموا مسيرة مهيبة بتاريخ الطائف وزي أهله التقليدي وفلكلوره الفني في جادة التراث في «سوق عكاظ»، وسط تفاعل من الحضور الذين حرصوا على التقاط الصورة للمسيرة وهي تجوب الجادة. وقد شهد مسيرة أهالي الطائف في الجادة الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، الذي وجه بهذه المسيرة التي تعكس فخر أهالي الطائف بوطنهم وموروثهم على مدار مئات السنين.

المصدر: الشرق الأوسط، بتصرف.