وليد العلي وفهد الحسيني… شهيدا «الدعوة»

عاشت الكويت أمس على وقع الصدمة باستشهاد اثنين من دعاتها الأفاضل جراء العمل الإرهابي في عاصمة جمهورية بوركينا فاسو واغادوغو، وهما العميد المساعد في كلية الشريعة بجامعة الكويت وإمام وخطيب مسجد الدولة الكبير الدكتور وليد العلي، والداعية فهد الحسيني، أثناء وجودهما في الجمهورية الأفريقية لأداء مهمة دعوية.

 

وأعرب سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عن بالغ حزنه وتأثره لاستشهاد المواطنين الكويتيين «اللذين استشهدا في الهجوم الإرهابي الآثم على احد المطاعم في العاصمة واغادوغو بجمهورية بوركينا فاسو، خلال وجودهما فيها في مهمة لإنجاز عدد من الأعمال الخيرية».

 

واستنكر سموه بشدة «هذا العمل الإجرامي الذي استهدف أرواح الأبرياء الآمنين والذي يتنافى مع كافة الشرائع والقيم الإنسانية، ومشيدا سموه بمناقبهما وأعمالهما الخيرية، وتقدم سموه بخالص العزاء وصادق المواساة لأسرتيهما الكريمتين مبتهلا إلى الباري جل وعلا أن يتغمدهما بواسع رحمته ومغفرته ويسكنهما فسيح جناته، ويجزيهما خير الجزاء على كل ما قاما به من أعمال خيرية وأن ينزلهما منازل الشهداء والأبرار ويلهم أسرتيهما الكريمتين وذويهما جميل الصبر والسلوان وحسن العزاء».

 

من جانبه، أعرب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن خالص تعازيه وصادق مواساته في استشهاد الشيخين وليد العلي وفهد الحسيني. وقال في بيان صحافي ان أبناء الكويت يقدمون الخير في كل بقاع العالم ويضحون بأنفسهم من أجل تقديم رسالتهم الانسانية السامية التي حث عليها الدين الاسلامي بالحكمة والموعظة.

 

وأضاف ان الشيخين الجليلين نموذج للانسان الكويتي الذي جبل على فعل الخير وتقديم المساعدة والعمل في سبيل الدعوة بالحسنى، معتبرا ان الشهيدين فقيدا الكويت اللذان عبرا عن أصالة المجتمع الكويتي المحب لدينه ونشر سماحة الاسلام. وتقدم الغانم لذوي الشهيدين والشعب الكويتي بخالص العزاء سائلا المولى عز وجل أن يتقبلهما من الشهداء وان يسكنهما فسيح الجنة.

 

ونعى المستشار بالديوان الأميري ورئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الدكتور عبدالله المعتوق الشهيدين، مشيراً الى أن «يد الإرهاب الآثم امتدت لتطول عمل الخير الكويتي، في هذا الهجوم الذي راح ضحيته اثنان من خيرة أبناء الكويت، إذ أفنيا عمريهما في الدعوة إلى الله والعمل الخيري».

 

وقال المعتوق، في تصريح صحافي، إن «علاقتي مع الشهيد بإذن الله وليد العلي تمتد لسنوات شهدته فيها محبا للخير داعيا إلى الله بروح الوسطية الحقة التي تجمع بين سماحة الشريعة وحنيفية الاعتقاد والابتعاد عن الغلو في الدين».

 

وأضاف «أن الراحل حارب العنف والتفرق بالكلم الطيب»، مبينا أنه «كان دائم التأكيد من خلال خطبه في المسجد الكبير على أن الكويت جبلت على التدين المكتنف بالوسطية والاعتدال ودرج أهلها منذ القدم على نبذ جميع مسالك العنف وشتى طرق الضلال».

 

وأوضح المعتوق أن «(شهيد الخير) وصف الغلاة المتشددين بقطاع الطرق الذين يمنعون الناس عن الوصول الى محاسن الدين ويشوهون جمال وجهه الحسن ويعبثون بسماحة أحكامه التي شرعها رب العالمين».

 

وإذ استنكر «العمل الجبان الذي أودى بحياة العلي والحسيني»، أكد المعتوق أن «الكويت بقيادة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد دأبت على نبذ جميع أعمال العنف والإرهاب، والتي طالت هذه المرة شخصين خرجا في سبيل الله لا لدنيا يطلبانها، وإنما لنشر الدعوة في أقصى أفريقيا، فنحتسبهما عند الله شهيدين».

 

وأشار المعتوق إلى أن «صدور الأوامر السامية بتخصيص طائرة أميرية للتوجه إلى بوركينا فاسو لنقل جثماني الشهيدين إلى أرض الوطن ليس بغريب على سمو الأمير، فهو الوالد الذي يتلمس أوضاع أبنائه في جميع الأوقات». وختم بالقول «رحم الله وليد وفهد وأسكنهما فسيح جنانه، وألهم ذويهما صبرا وسلوانا»

 

بدوره نعى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري، الداعيتين الى الشعب الكويتي، وقال في تصريح صحافي «ان عزاءنا في الفقيدين انهما خرجا من الكويت الى اقصى الغرب الافريقي لنشر العلم الشرعي وما اخرجهما الا الدعوة الى الله تعالى ونشر دينه الصحيح في ربوع الارض».

 

وأضاف «تلقينا ببالغ الحزن والاسى نبأ الاعتداء الآثم على دعاة ابرياء ذهبوا لتقديم دورات شرعية لتعليم المسلمين امور دينهم، وآلمنا المصاب في داعية من ابرز دعاة الكويت علما وجهدا في الدعوة داخل الكويت وخارجها، وهو الدكتور وليد العلي امام وخطيب المسجد الكبير والعميد المساعد بكلية الشريعة طيب الله ثراه، والذي يشهد له القاصي والداني بدماثة خلقه وطيب معشره ووسطية منهجه وجهوده الدعوية لطلابه بكلية الشريعة ودوره الدعوي بمسجد الدولة الكبير في خطب الجمع والاعياد».

 

ودان الجبري الاعتداء الغاشم على الابرياء المسالمين مضيفا «ان الكويت تستنكر هذا العمل الاجرامي الجبان الذي اودى بحياة رجلين من خيرة شبابنا ممن نذروا انفسهم للدعوة الى الله وتحمل المشاق وتكبد لوعثاء السفر حسبة لله تعالى، مؤكدا ان الكويت ستظل منارة للوسطية والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة من خلال ابنائها الاوفياء».

 

كما نعى وكيل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية والامين العام للجنة العليا لتعزيز الوسطية فريد عمادي، فقيدي الدعوة والكويت امام وخطيب مسجد الدولة الكبير الدكتور وليد العلي والداعية فهد الحسيني اللذين لقيا ربهما اثر حادث الاعتداء الغاشم، ووجه تعزيته لأهالي الفقيدين والكويت على هذا المصاب الجلل.

 

ووصف عمادي العمل بالارهابي الجبان الذي يستهدف اناس ابرياء مسالمين جاؤوا من اقصى الشرق لنشر الوسطية والعلم الشرعي للأئمة والدعاة محتسبين اجرهما على الله تعالى وما خرجا من بيتيهما الا للدعوة الى الله، مشيرا انهما كانا يقيمان دورة علمية شرعية للمسلمين هناك وقد طالتهما يد الغدر الآثمة.

 

وعدد عمادي الكثير من مآثر امام وخطيب مسجد الدولة الكبير الدكتور وليد العلي الذي عرف بمنهجه الوسطي وغزارة علمه الذي استفاد منه الكثير من ابناء الامة سواء كانوا بالكويت من طلبة كلية الشريعة او بمدارس وزارة التربية او في المنتديات العلمية والندوات والمحاضرات التي كان يتواجد فيها معلما وموجها ومربيا ومدربا او في خارج الكويت من خلال زياراته العلمية والدعوية الرسمية والاهلية، كما كان د.وليد العلي ممن تستعين بهم الوزارة في كثير من مناشطها فقد كان عضوا في اللجنة العليا لجائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم منذ تأسيسها من ثماني سنوات والى ان لقي ربه كما شارك في عضوية الكثير من اللجان في الوزارة كلجنة الوظائف الدينية ولجنة اختبارات الأئمة والمؤذنين ولجنة إعداد الخطبة النموذجية.

 

وقال عمادي: لقد فقدنا بحق داعية متميزا في دعوته ومتفردا في جهوده معروفا بوسطيته وفكره المستنير ولعل من امارات حسن الخاتمة انهما لقيا ربهما وهما قد خرجا في سبيل الله ما اخرجهما الا الدعوة لدين الله وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم امثالهما بقوله «إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله» قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: «يوفقه لعمل صالح قبل موته»، وقد رأينا من اخر اعماله من ينطق الشهادتين ويدخل الاسلام على يديه وهذه ونعم الخاتمة.

 

وأعرب رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الدكتور محمد الطبطبائي عن استنكاره للجريمة الشنيعة والاعتداء الآثم الذي استهدف أبرياء عزلا في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو أمس الاثنين ومن بينهم مواطنان كويتيان.

 

وقال الطبطبائي، في تصريح صحافي، إن هذا الاعتداء الآثم ذهب ضحيته العديد من الأنفس البريئة، وكان من ضمن المغدورين مواطنان كويتيان هما إمام وخطيب مسجد الدولة الكبير الدكتور وليد العلي وفهد الحسيني رحمهما الله تعالى رحمة واسعة.

 

وأضاف أن الفقيدين كانا في رحلة خيرية ودعوية لجمهورية بوركينا فاسو ويحملان لأهل تلك البلاد المودة والسلام ويقدمان الخير والعطاء ويبذلان الوقت والجهد مع إخوانهم في اللجان الخيرية الكويتية لمساعدة ونفع إخوانهم المسلمين في مختلف أرجاء العالم.

 

وأكد أن دين الإسلام الحنيف بريء من كل أشكال الإرهاب الذي مازال يجر ويلاته على المسلمين والبلاد الإسلامية والعالم أجمع مشددا على وجوب تضافر جهود العلماء والدعاة في البلاد الإسلامية كذلك الجهود الدولية للقضاء على الإرهاب بكل أنواعه «والذي نعيش آثاره الإجرامية والخطيرة على حياة الأبرياء من خلال الاعتداء الآثم على الآمنين».

 

وأعرب عن خالص عزائه لذوي الفقيدين سائلين الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته وأن يسكنهما فسيح جناته وأن يرزقهما أجر الشهادة في سبيله وأن يلهم أهلهما الصبر والسلوان.

 

وثمن الدكتور الطبطبائي المبادرة الكريمة لسمو الأمير بإرسال طائرة أميرية لجلب جثماني الفقيدين إلى الكويت، سائلين الله تعالى أن يحفظ الكويت وأهلها وسائر بلاد المسلمين من كل مكروه.

 

بدورها نعت وزارة العدل الشهيدين العلي والحسيني، وقالت «بمزيد من الحزن والأسى تنعى وزارة العدل نائب مدير نيابة الأسرة الزميل الراحل فهد عبدالمحسن الحسيني والأستاذ بكلية الشريعة الشهيد الدكتور وليد العلي واللذين وافتهما المنية إثر حادث إرهابي غادر في دولة بوركينا فاسو أثناء أدائهما لدورهما الدعوي والخيري وتقديمهما المساعدات الخيرية والإنسانية ضمن حملة تطوعية دعوية للجنة القارة الأفريقية»

 

واضافت الوزارة، «إذ ننعى الفقيدين نستذكر بكل الخير مآثرهما ودورهما الإنساني الذي وهبا نفسيهما إليه، داعية المولى جل وعلا أن يسكن الراحلين فسيح جناته وأن يلهم ذويهما الصبر والسلوان».

 

أفريقي أشهر إسلامه على يد العلي قبل أيام

«اليوم هو يوم الجمعة الذي يوافق العشرين من شهر ذو القعدة عام 1438 من هجرة النبى صلى الله عليه وسلم، الموافق للحادي عشر من شهر أغسطس 2017 وفي مسجد عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كوناكري عاصمة جمهورية غينيا، شرح الله صدر هذا الأخ للإسلام»، بهذه الكلمات عبر امام المسجد الكبير الراحل الأستاذ الدكتور وليد العلي عن سعادته، بعدما هدى الله على يديه شخصاً للإسلام وسط تكبيرات الحضور.

 

شهادات

العلي… أحد دعاة الوسطية

أفاد الوزير الجبري بأن الداعية الدكتور وليد العلي كان تستعين به وزارة الأوقاف ولجنة تعزيز الوسطية في نشر سماحة الاسلام بين ابنائنا في الكويت وفي ربوع الارض، مشيرا ان «للفقيدين مآثر عظيمة وجهودا مباركة في الدعوة داخل الكويت وخارجها ،نسأل الله أن يتقبلهما في الصالحين، تغمدهما الله بواسع رحمته وتقبلهما في الشهداء الابرار وألهم ذويهم والكويت جميعا الصبر والسلوان».

 

علم تجاوز القاعات والحلقات

أكد المستشار بالديوان الأميري ورئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الدكتور عبدالله المعتوق أن «علم الشهيد العلي لم يكن قاصرا على طلابه في الجامعة أو المدارس والحلقات التي كان يحاضر بها، بل شمل رواد المساجد الذين شهدوا له بالعلم وحسن الخلق، وأصر على إيصال ذلك العلم إلى خارج الكويت طمعا في أن يقنع به غير المسلمين ليزيد سوادهم».

 

«ثقافي» المسجد الكبير باسم العلي

أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري توجيهات بتسمية مبنى المركز الثقافي في المسجد الكبير باسم الدكتور وليد العلي، مشيرا إلى أن المركز سيكون مخصصاً لدعوة الجاليات وتحفيظ القرآن والدروس الشرعية.

 

مركز إسلامي باسم الشهيدين

أطلقت جمعية احياء التراث، ممثلة بلجنة القارة الأفريقية، مشروع بناء مركز اسلامي باسم الشهيدين الاستاذ الدكتور وليد العلي وفهد الحسيني، في النيجر، مساء اول من امس، بتكلفة اجمالية 100 الف دينار كويتي.

 

جامعة الكويت تنعي الفقيدين

نعى مدير جامعة الكويت الدكتور حسين الأنصاري، بالنيابة عن الأسرة الجامعية «ببالغ الحزن والأسى فقيدي الكويت الدكتور وليد العلي، وزميله الداعية الشيخ فهد الحسيني»، متوجها بخالص العزاء والمواساة لأسرتي الفقيدين وللكويت على هذا المصاب الأليم وأن يلهمهم الصبر والسلوان.

المصدر: الراي.