توصيات مؤتمر التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي

منذ أن انطلق مؤتمر رابطة العالم الإسلامي في عامه الثاني بالولايات المتحدة الأمريكية، والذى جاء بعنوان “التواصل الحضاري بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية”، خلال اليومين الماضيين وشهد حلقات نقاشية بحضور عدد كبير من كبار الشخصيات الإسلامية والأمريكية “الدينية، والحكومية، والبرلمانية، والفكرية، والمجتمعية”، تناولت تعزيز الروابط وبناء الجسور.‏
وشارك في المؤتمر الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، وهى الجهة المنظمة، والدكتور يوسف بن أحمد العثيمين أمين عام منظمة التعاون الإسلامي والدكتور عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم والدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وعدد كبير من المفكرين ورجال الدين المسيحي من الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، بجانب وفد من الأزهر الشريف في المؤتمر الدولي الذى نظمته رابطة العالم الإسلامي، وضم وفد الأزهر الدكتور يوسف عامر نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور كمال بريقع عبد السلام منسق عام مركز حوار الأديان.
وأكد المجتمعون بمؤتمر التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، أن الأديان السماوية تدعو إلى قيم المحبة والتسامح والتعاون، مشددين على أن التواصل الحضاري بين الأمم والشعوب ضرورة ملحة لتعايشها السلمي وتبادلها المعرفي والمادي.
وقال المجتمعون، إن “للأمم والشعوب تجاربً مهمة في التعايش المختلط بين مكوناتها وقدمت في ذلك نماذج إيجابية من خلال الانفتاح والتبادل بين الحضارات”.
وتابعوا: “يجب التسليم بطبيعة الفروق بين الأمم والشعوب، مع أهمية توظيف ذلك للتعارف والتفاهم لمواصلة التعاون فيما بينها”، مشددين على ضرورة استقرار العلاقات بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية، من خلال التواصل الثقافي والحوار الإيجابي، مع أهمية إيضاح الرسالة الحقيقية للإسلام التي حاول التطرف اختطافها وتزوير معانيها، بجانب التصدي لدعوات الكراهية والإقصاء، خاصة حملات الإسلاموفوبيا.
وعلى هامش فعاليات المؤتمر، قال الدكتور محمد السماك أمين عام لجنة الحوار الإسلامي المسيحي، إن الجسور تبنى على قاعدتين قاعدة اسلامية وقاعدة امريكية، القاعدة الاسلامية واضحة والرابطة تقوم بجهد كبير انطلاقا من النص القرآني الذي يدعو للحوار مع كل الناس واحترام اختلافهم وعقائدهم ودعوته لبناء قاعدة للتفاهم والحوار مع الآخر من منطلق التسامح.
وخلال المؤتمر أعلن الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، فوز الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى بجائزة الاعتدال في دورتها الثانية نظير جهوده المميزة والواضحة في مجال تعزيز الوسطية والاعتدال، ومفاهيمها وإبراز منهج الاعتدال السعودي في المحافل الدولية”، مقدمًا التهنئة للدكتور العيسي ولكل مواطن يعمل في هذا المجال”.
وفى كلمة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى خلال المؤتمر قال: ” كلنا نعلم أن هناك مسلمين ضحوا لمصلحة اوطانهم غير الاسلامية وفاء للواجب الوطني وكمتطلب إسلامي للانتماء الوطني الصادق ومنهم علماء وساسة واكاديميين أسهموا في بناء أوطانهم وهم محل الثقة والاحترام والافتخار مع محافظتهم على هويتهم الدينية”.
وتولى الدكتور كمال بريقع عبدالسلام، إدارة الجلسة الأولى للمؤتمر بحضور ممثلين من دول العالم، مؤكدا أهمية الحوار في درء الصراعات وفض العديد من الاشتباكات ، وقال إن المسلمين لديهم قناعة شديدة بأن الحوار من الحقائق الراسخة في الإسلام وذلك لأن القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع الإسلامي قد أكد عليه في أكثر من موضع .
وأضاف أن حضارات العالم تتشابك بشكل كبير وأن صعود الحضارات يعتمد في أسسه على انجازات الماضي الحضارية، ومن ثم كان هناك حاجة ماسة إلى التواصل والتفاعل الإيجابي والبناء بين الناس من مختلف الأديان والثقافات لتعزيز الثقة وتحقيق المصالح المشتركة، وتوثيق أواصر الصداقة والأخوة الإنسانية.
ولفت إلى أن التبادل الثقافي والمعرفي بين الحضارات المختلفة يفتح أفاقًا جديدة للسعي والانطلاق نحو التقدم والازدهار. وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت (رضي الله عنه) لتعلم اللغة العبرية فأتقنها. ويشير التاريخ إلى أن عملية التواصل الثقافي من خلال الترجمة كانت من أهم الأدوات للمسلمين الأوائل الذين هاجروا إلى الحبشة فقد مكنتهم من التواصل مع ملكها النجاشي، والعيش في ظل مملكته بعد أن فروا بدينهم من اضطهاد المشركين لهم في مكة.
وأضاف أن مفهوم الهيمنة هو واحد من المفاهيم التي يختلف الباحثون في تحديد طبيعتها، وذلك نظرا للمواقف المختلفة التي يتبناها كل منهم واختلاف المنظور والرؤية التي يحدد من خلالها الباحث هذا المصطلح.
وخرج المؤتمر بعدة توصيات جاءت على النحو التالي: أولا: دعوة المؤسسات العلمية والفكرية في العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية لإطلاق برامج ومبادرات تعمق الحوار والتعاون البيني لتحقيق المصالح المشتركة وترسيخ مبادئ الثقة ومعالجة العوائق كافة بما في ذلك العوائق المفتعلة بفعل الحواجز والنظريات الوهمية.
ثانيًا: إطلاق برامج ومبادرات حوارية بين الإسلام والغرب ودعوة رابطة العالم الإسلامي لتنظيم مؤتمر عالمي في هذا الخصوص يشمل جميع مسارات الحوار الملحة والتي لا يزال كثير منها يمثل حالة فراغ كبيرة، وأن يدعى له رموز العلم والفكر في الشرق والغرب.
ثالثًا: دعوة الأفراد والمؤسسات المختلفة لبذل الجهود كافة لتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي والإنتاج الفني لتعزيز التقارب الإيجابي بين الثقافات والحضارات بما يخدم المصالح المشتركة ويواجه حملات الكراهية.
رابعًا: تثمين مبادرة رابطة العالم الإسلامي في دعم جهود الدمج الإيجابي لما يسمى بالأقليات الدينية والثقافية في مجتمعاتها.
خامسًا: إطلاق قافلة رسل سلام مستقلة عن أ تبعية سياسية يمثلون الديانات الثلاث لزيارة جميع الأماكن المقدسة في مدينة القدس والحوار مع الحكماء، لدعم أي مشروع أو مبادرة من شأنها أن تسهم في إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
سادسًا: تثمين المبادرة التاريخية لقمة الرياض 2017 بين الدول الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي حملت في مضامينها معاني التواصل الحضاري البيني ونتج عنها إنشاء أكبر المنصات العالمية لمكافحة الفكر المتطرف “مركز اعتدال” بالرياض، وكذا تثمين إنشاء مركز الحرب الفكرية بوزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية، المعني بتفكيك تفاصيل الأيديولوجية المتطرفة التي تعتمد عليها في خطف عقول المستهدفين حول العالم، حيث التحق بما يسمى بتنظيم داعش الإرهابي أكثر من 45 ألف شاب من نحو 100 دولة لا تربط بينهم مدرسة دينية واحدة، بل من مختلفي الاتجاهات الفكرية تجمعهم عاطفة دينية مختطفة تحاول استهداف العالم.

صدى البلد.